ظاهرة تعاطي المخدرات عند الشباب من أشهر أنواع الظواهر المدمرة التي تواجهها المجتمعات والتي من المحتمل اتساع رقعتها مستقبلًا، وهذه الظاهرة كافية على تدمير المجتمع وإفساده، ولكن ما هي أبرز دوافعها وكذلك كيف تكون آثارها المحتملة وهل هُناك حلول للحد منها .. تابع القراءة للحصول على إجابات مفصلة حول هذا.
ظاهرة تعاطي المخدرات لدى الشباب دوافعها وآثارها
الظاهرة الاجتماعية لها العديد من المعطيات وجميعها تتسق مع تعاطي المخدرات عند الشباب والمراهقين اهم تلك الخصائص أنها تحولت من فعل فردي إلى سلوك بارز وجماعي في تلك الفئة العمرية تحديدًا، كما هو الحال مع تعاطي المخدرات عند الشباب، حيث أصبح مشكلة وآفة اجتماعية خطيرة، يجب البحث في أسبابها العميقة ودوافعها وآثارها لإيجاد حلا موضوعيا لها.
ومن أهم دوافع تعاطي المخدرات عند الشباب:
- ارتفاع حافز الفضول التجريبي: فترة الشباب بكل تأكيد هي فترة الجرأة المحبة للإثارة وإشباع الفضول، وإذا لم يكن لدى اليافعين نمط تفكيري يعتمد على التحليل والفهم والتمييز واتخاذ القرار الموضوعي، يكونوا أكثر عرضة لتعزيز فضولهم وتجربة المخدرات كوسيلة للاستيعاض عن الأهداف الغير واضحة في الحياة.
- محاولة للبحث عن الذات: قد يكون ما يملأ عاطفة الشباب هو محاولة العثور على ذاتهم، وعندما يمرون بخبرات تشوه لهم نظرتهم لذاتهم او تبعدهم عنها كمثل النشأة في بيئة غير سوية أو تعرضهم لأنماط تربية قهرية وعنيفة يتجهون لبيئات أخرى حتى يشعرون بالانتماء مثل بيئة تعاطي المخدرات.
- البحث عن كيفية الاندماج والتأقلم: في مرحلة الشباب، بعض الشباب يواجهون صعوبات متعددة للاندماج والتأقلم مع حياتهم، ومن بين الوسائل السريعة لتغيير الحالة العاطفية لهم نشوة المخدرات والتي تدخلهم سريعًا في بيئة جماعية تشعرهم بالتكيف وأنهم قادرون على مجاراة ذلك المجتمع.
- الحصول على الرضا النفسي السريع: إنها فترة المعاناة والتحمل نقصد فترة الشباب، لذا قد يكون الرضا النفسي غير مستقر خاصة في حالة عدم التعرف على الأنشطة التي تتوافق مع الذات، وقد يكون دافعهم لتعاطي المخدرات هو البحث عن الراحة السريعة والشعور بالبهجة والرفاهية المفقودة وقتيا في حياتهم.
وقد أوضح المتخصصون بناءً على استبيان عن تعاطي المخدرات عند الشباب أن هناك آثار ظاهرة لتعاطي المخدرات تأتي على النحو التالي:
- انحلال البنية والهوية: زيادة نسبة الشباب المتعاطين في للمخدرات المجتمع فيه يضرب بنيته وهويته المتراكمة منذ سنين في مقتل، ويخلق أفراد يتبعون أهواءهم والبحث عن النشوة الوقتية، وسيكون الأثر هو الانحلال الأخلاقي، وغياب الترابط الإنساني، وانعدام الانتماء.
- الضعف والفوضوية: يحتاج المجتمع إلى جيل فتي يستطيع تحمل تحديات الحاضر، ومع توسع رقعة تعاطي المخدرات بين الشباب يحل الضعف والفوضوية على الفرد والمجتمع سواء.
- تغلغل اليأس وفتور الهمة وفقدان الثقة: مع تأزم موقف المجتمعات لاحتواء ظاهرة تعاطي المخدرات عند الشباب وتضخم الأثار الناتجة يتغلغل اليأس في النفوس، وتفتر الهمة نحو بناء المستقبل، ويفقد الفرد والمجتمع الثقة في التغيير.
يُمكنك قراءة المزيد حول أنواع المخدرات واضرارها
حلول مشكلة ظاهرة تعاطي المخدرات عند الشباب
الحلول المقترحة لحل مشكلة المخدرات عند الشباب يمكن أن يقوم بها الشاب بصورة ذاتية مع وجود دعمًا بجانبه يساعده على تحقيقها وتشمل:
التعرف على أسباب التعاطي
بداية حل مشكلة تعاطي المخدرات تأتي بمعرفة لماذا تمت تجربتها من الأساس، وعند معرفة الأسباب تكون الحلول أكثر واقعية وفعالية، قد يقع الشخص في تعاطي المخدرات لإحدى الأسباب التالية وجود مشكلة شخصية في التأقلم مع ضغوطات الحياة أو التمرد على الواقع والإحساس بالفشل أو مواجهة صعوبات في الإحساس بالرضا النفسي، وجميع تلك الأسباب تقريبًا نتيجتها واحدة هي كسر الحاجز النفسي بين الشخص وتعاطي المخدرات، وعند فهمها يجب استعادة ذلك الحاجز.
بناء حاجز نفسي بين المتعاطي وتناول المخدرات
بناء الحاجز النفسي هو المانع الفكري الذي يحد من تناول الشخص للمخدرات ويعطيه سببًا معقولًا للتوقف، ويُمكنك بناء حاجزك الخاص كأساس واقعي لحل مشكلة المخدرات من جديد ذاتيا أو بواسطة دعم بجانبك من خلال:
فهم تأثير المخدرات على المخ والعقل.
- إقامة مقارنة بين العائد من تعاطي المخدرات ونتائجها السلبية.
- اسأل نفسك هل أنت أفضل بتعاطي المخدرات؟.
- تخيل فوائد تعاطي المخدرات العائدة عليك بعد تركها.
- فهم أضرار التعاطي والإدمان ووضع قائمة ذاتية لما تتصور حدوثه.
- انظر إلى أحبابك وتصور ماذا يصنع تعاطيك بهم، وكيف يرونك عندما تنجح في حل تلك المشكلة.
- تصور كيف ترى نفسك عند وبعد التعاطي، هل تشعرك بالقيمة والثقة.
- جاوب بنفسك: لماذا ترضى بمتعة لبضع دقائق بينما تعاني لساعات وتقع في جلد الذات والإحساس بالذنب؟.
- هل ترضى بأن يتحكم فيك أحد؟، المخدرات ستفعل ذلك.!.
- ماذا تفعل إذا دمر أحدهم حياتك هل ستتركه يعبث بعقلك؟، الاستمرار في التعاطي سيصل بك إلى تلك المرحلة.
- هل تريد أن تصبح المخدرات هي عالمك الوحيد بينما انت منعزلا منطويا؟!.
حصر كافة مثيرات التعاطي
هناك مثيرات قد تكون نابعة من داخلك أو تحيطك بشكل يومي يجب حصرها لأنها تعمل على ارتفاع رغبتك في تناول الجرعة والانسياب وراء الانفعال للخروج من الحالة النفسية التي تدخل فيها والهروب منها بمفعول المخدرات ومن أكثر المثيرات شيوعا الإجهاد والملل والفراغ والضيق الروحي والفراغ الفكري والتواجد في أماكن التعاطي.
وضع تلك القائمة ستجعلك أكثر قدرة على ترتيب أولويات الحلول، وقد تختلف مثيرات التعاطي من شخص لآخر لذا عليك حصرها بتأني وبرؤية عميقة.
اتخاذ القرار بالابتعاد عن بيئة التعاطي
اتخاذ القرار بقطع الصلة بينك وبين بيئة التعاطي خطوتك التنفيذية الأولى بعد تشبعك الفكري بضرورة حل المشكلة، والابتعاد عن الأشخاص الذين تتعاطى معهم خطوة جادة لاستعادة يقظتك وتنفيذ قرارك، لأن الاستمر في الاحتكاك بالأفراد المتعاطين وبيئتهم سيعمل على إثارة الرغبة داخلك بشكل دائم، كما يعزز تفكيرك في نشوة المفعول، لذا بداية التغيير الحقيقي يأتي بتغيير محيطك وعلاقاتك الضارة لبيئة أكثر صحة.
ضع أهداف صحية لرعاية ذاتك
تعاطي المخدرات كان الطريق الخاطئ الذي سلكته للتغلب على خلل عاطفي، لذلك وضع أهداف صحية لرعاية الذات هي خطوة جادة تتصمنها حلول تعاطي المخدرات والتي تعمل على استرداد الشعور بالرضا النفسي والاستمتاع، ويمكن وضع المقترحات التالية في قائمتك للرعاية الذاتية من أجل حل مشكلة المخدرات لديك:
- ممارسة الرياضة لمدة ساعة كل صباح.
- اعتماد خطة ريحيم غذائي يعتمد على وجبات صحية.
- الابتعاد عن الإجهاد بالحصول على قسط كاف ومستقر من النوم يوميا بمواعيد منتظمة.
- تقسيم ساعات العمل بما يتناسب مع القدرة البدنية والذهنية.
- تخصيص وقت للاسترخاء والترويح عن النفس.
- تعزيز التفكير الإيجابي حول الذات.
- الامتلاء بفكرة استحقاق حياة أفضل.
- الاعتناء بروتين النظافة الشخصية والمظهر.
- التخلص من جلد الذات أو الإحساس بالذنب.
- تعلم الانتماء للنفس قبل كل شئ.
لا تترك نفسك فارغًا
يؤدي الشعور بالفراغ الفكري والروحي إلى بث الملل في النفس، وهنا يبحث المخ عن أي نشاط قد يعيد الاستقرار المزاج، هنا قد يطالب مركز المكافأة بالمخدر ويرسل صورة النشوة مما يزيد الرغبة في التعاطي، لذا عدم ترك نفسك فارغا يكاد يكون أهم حل لمنع سيطرة الانجذاب لتناول المخدر والانشغال بأنشطة اخرى تعينك على المقاومة.
ابدأ في تكوين علاقات صحية
من خلال ممارسة أهدافك الصحية ستلتقي بأشخاص يمارسون الرياضة، يعملون في الأنشطة التطوعية، يمارسون هوايات تميل إليها نفسك، حينها يمكنك تكوين روابط اجتماعية معهم بسهولة لأن هناك نشاط مشترك بينكم، والكل يحتاج إلى تعميق وتوسيع دائرته لذلك لا تتردد في الحديث معهم واكتشاف المشترك بينكم، واقتراح أهداف تعمل على توطيد الرابط بينكما، سيعمل ذلك على زيادة حوافزك ودوافعك للابتعاد عن المخدرات، يمكنك القراءة في مكتبة عامة والاشتراك في مناقشات الكتب.
ضع هدفًا بعيد المدى تعمل من أجله
إذا كانت الأهداف الصغيرة واليومية مشتت قوي لرغبة التعاطي، فوضع هدف كبير تنظر إليه بمثابة النور الذي تنظر إليه عندما تفتر همتك، إنه مغذي لروحك ومجدد لأفكارك، والسعي ورائه يعيد انتباهك إلى يقظتك ورعاية نفسك.
ضع هدفا واقعيا يلائم قدراتك وما أنت قادر عليه حقا وتميل نفسك إلى تحقيقه، وابدأ بوضع استراتيجيتك الخاصة للاقتراب منه وكل يوم تنجح في الاقتراب احتفل بنفسك وبطريقتك الصحية الخاصة.
اختر شخصًا يدعمك
اختيار شخص لدعمك سيكون متنفسا روحيا ونفسيا لك من أجل مشاركة مشاعرك وأفكارك، شخص تثق أنه سيعزز دوافعك دون الحكم عليك، وذلك كفيل بوضعك أمام مسؤولية إيجابية أمامه، ومشاركته إياك في تنفيذ حلول تعاطي المخدرات سيجعلك أكثر استمرارية وإقبال عليها.
كيف تنصح الشباب المُتعاطي؟
تبحث عن نصيحة لمن يتعاطى المخدرات قد تساعدك على كسب ود المتعاطي وتقبل النصائح الموجهة إليه، لا تكفي نصيحة واحدة، إليك مجموعة من نصائح لمن يتعاطى المخدرات:
- التواصل بتعاطف: إظهار الاهتمام والدعم النفسي دون إصدار أحكام، والاستماع بانفتاح وتفهم للأسباب الحقيقية وراء التعاطي.
- التوجيه للعلاج المتخصص: تشجيعه على مراجعة المراكز الطبية والنفسية المتخصصة في علاج الإدمان، والمساعدة في التواصل مع المختصين.
- تقوية الروابط العائلية والاجتماعية: خلق بيئة داعمة ومحفزة تساعده على استعادة ثقته بنفسه وإيجاد بدائل إيجابية للتعاطي.
- التركيز على التأهيل والتمكين: مساعدته على اكتشاف مواهبه وتطوير مهاراته، وتوجيهه نحو أهداف حياتية بناءة.
- المتابعة المستمرة والصبر: التأكيد على أن العلاج عملية تدريجية تحتاج الدعم المستمر والتشجيع.
للكاتبة/ ا. حياة
ظاهرة تعاطي المخدرات هي ظاهرة متشابكة تدخل فيها الكثير من المعطيات نفسية وبيئية واجتماعية وحتى وراثية، كما أن آثارها تخص عمق المجتمع والعلاقات والمستوى النفسي والجسدي المفضي للاضطراب، ولكن ما زالت الحلول ممكنة وهي علا ومساعدة شبابنا للوصول للتعافي تحت إشراف أفضل مراكز ومستشفيات الطب النفسي وعلاج الإدمان.
أكتب تعليقا