علاج إدمان الأدوية النفسية ليست من الأمور المستحيلة لكنها تحتاج لتدخل مبكر للحد من تأثيراتها السلبية وأضرارها الخطيرة، وتتطلب التزام من المدمن في ظل وجود الدعم الأسري والإشراف الطبي المتخصص، وذلك بهدف مساعدة الأشخاص الذين يعتمدون نفسيًا وجسديًا على بعض الأدوية النفسية الموصوفة، ويتم العلاج من خلال وضع البروتوكول المناسب لكل فرد على حده على أن يتضمن عدة خطوات أساسية تبدأ بسحب السموم، وذلك لضمان التعافي التام والعودة لحياة صحية متوازنة بدون حدوث أي انتكاسة.

الإدمان على الأدوية النفسية والتعرف على المدمن

الادمان على الادوية النفسية هي حالة صحية تنشأ نتيجة الاعتماد النفسي والجسدي على بعض الأدوية الموصوفة لعلاج الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات النوم، القلق، والاكتئاب، وغيرها من المشاكل النفسية، ويحدث ادمان الأدوية النفسية عندما يتجاوز الشخص حد الاستخدامات العلاجية التي يتم وصف الدواء من أجلها للحصول على تأثير قوي، مما ينتج عنه صعوبة التوقف عن الدواء والحاجة المستمرة لتناوله.

ومن أهم أسباب إدمان الأدوية النفسية ما يلي:

  1. استخدام الدواء لفترات أطول من المدة التي يحددها الطبيب.
  2. الاستخدام بدون إذن طبي وهو استخدام المريض للدواء من تلقاء نفسه بهدف الحصول على الراحة والهدوء، وليست لعلاج حالة مرضية محددة.
  3. بعض الأدوية النفسية لها خصائص مسببة للإدمان مثل البنزوديازيبينات، المنومات، والمسكنات الأفيونية.
  4.  تطوير التحمل وهو احتياج الجسم لجرعات أكبر لتحقيق نفس التأثير مما يزيد من خطر حدوث الإدمان التسممي على الأدوية النفسية (تناول الأدوية النفسية بشكل كبير يجعل المريض يدخل في حالة شديدة من الإدمان عليها).

وتشمل أعراض الادمان على الادوية النفسية الحاجة الملحة لتناول الدواء، زيادة الجرعات للحصول على نفس التأثير، وعدم القدرة على التوقف عن الدواء بسبب الشعور بأعراض انسحابية مثل الأرق والقلق والاكتئاب وألم بالجسم.

ملحوظة: بداية مفعول الدواء النفسي تعتمد على نوع الاضطراب الذي يعاني منه المريض ونوعية الدواء المستخدم، وبشكل عام فإن بعض أنواع الأدوية المضادة للقلق من البنزوديازيبينات يبدأ مفعولها خلال 30 دقيقة ولذلك يتم استخدامها لفترات قصيرة لأنها تسبب الإدمان بشكل أسرع من غيرها، والبعض الآخر من الأدوية يستغرق أيامً أو أسابيع للحصول على تأثير ملموس أو حتى بدء الشعور بتحسن تدريجي، مثل مضادات الذهان، مضادات الاكتئاب، ومثبتات المزاج.

نهج التعافي من إدمان الأدوية النفسية 

علاج الادمان على الادوية النفسية يتطلب خطة كاملة وشاملة بحيث يتم علاج الجوانب النفسية والجسدية والاجتماعية للمريض، وعلاج الأسباب المؤدية للإدمان لضمان الحصول على حياة صحية بعد التعافي، ولمعرفة كيفية التخلص من إدمان الادوية النفسية إليكم أهم مراحل العلاج: 

التقييم والفحص الشامل

بحيث يتم إجراء فحص طبي وتشخيص للحالة بناءً على معرفة نوعية الدواء المستخدم ومدة الاعتماد عليه، ودرجة الإدمان سواء كان نفسي أو جسدي، ومدى تأثير الدواء على المريض.

إزالة السموم من الجسم (detoxification)

وهي عملية طبية تهدف إلى تنظيف الجسم من آثار الدواء بشكل صحي وآمن، حيث يتم منع المريض من تناول الدواء نهائيًا تحت إشراف طبي متخصص، وخلال هذه المرحلة يتم استخدام بعض الأدوية التي تتحكم في الأعراض الانسحابية الناشئة عن خروج الدواء من الجسم.

العلاج النفسي والتأهيلي

ويشمل مايلي:

  1. العلاج السلوكي المعرفي: وهو من أهم خطوات علاج ادمان الحبوب النفسي، حيث يساعد المريض في التعرف على الأفكار السلبية المؤدية لإدمان الدواء ومحاولة تغييرها، كما يساعد في تحسين مهارات التعامل في الأزمات.
  2. العلاج الجماعي: وهو علاج يشمل تقديم بيئة داعمة للمريض يتمكن خلالها من مشاركة تجاربه مع الآخرين ممن لديهم مشاكل وتجارب مشابهة، ويساهم العلاج الجماعي في تعزيز الشعور بعدم الوحدة والعزلة عن الآخرين.
  3. العلاج الفردي: وهو ما يساعد المريض في معرفة الأسباب النفسية المؤدية للإدمان مثل التعرض لبعض الصدمات أو المشاعر المكبوتة خلال مراحل متعددة من عمره.
  4. العلاج الأسري: يهدف إلى تثقيف أفراد الأسرة وزيادة الوعي حول الإدمان ومعرفة كيفية التعامل مع المدمن ودعمه وتشجيعه لتخطي مراحل العلاج والتمسك بالتعافي.

برنامج إعادة التأهيل

حيث يتم دمج المريض في برامج طويلة أو قصيرة الأمد بهدف إعادة تأهيله نفسيًا من خلال تعلم مهارات حياتية جديدة، وتحسين الأداء الوظيفي والقدرة على تكوين علاقات اجتماعية جيدة مع الآخرين.

المتابعة المستمرة بعد التعافي

حيث يتم التواصل مع الحالات بعد التعافي بصفة دورية من قبل الأطباء المختصين وهو جزء أساسي لنجاح خطة العلاج، وضمان عدم حدوث انتكاسة، حيث يتم تقديم الدعم النفسي اللازم لتخطي الأزمات والمشاكل التي قد تواجه الشخص بعد التعافي حتى لا يعود للتعاطي مرة أخرى.

كيفية الوقاية من الانتكاسة بعد التعافي؟

تكمن الوقاية من الانتكاسة في ابتعاد المتعافي عن المحفزات، والالتزام بالرعاية اللاحقة والمشاركة في مجموعات الدعم بعد التعافي، فحدوث الانتكاسة بعد العلاج هو أمر سائد بين الكثير من الحالات، لذا يجب على المتعافي أن يخضع لرقابة طبية من خلال المتابعة المستمرة مع الأطباء النفسيين المختصين بالأمر، ويمكن للأطباء وضع خطط للمتعافين عن كيفية التعامل مع الأزمات النفسية والمجتمعية خاصة المواقف والظروف المحفزة للإدمان، كما أن تثقيف المريض حول مخاطر الإدمان يساعد في الوقاية من الانتكاسة بشكل كبير.

 وللأسرة دور محوري في الوقاية من الانتكاسة يتمثل في خلق بيئة إيجابية خالية من المشاكل والنزاعات الأسرية، وتكوين بيئة داعمة تعزز الثقة بالنفس، وكذلك المراقبة الحذرة دون تضييق، وإبعاده عن محفزات الإدمان وإدماجه في نشاطات يومية وتشجيعه على الاشتراك في الأنشطة الرياضية وممارسة هواياته المفضلة، ويظل الدعم النفسي والعاطفي من أهم العوامل الأسرية للحفاظ على التعافي، ويشمل ذلك التفاهم والتقبل والبعد عن اللوم وتجنب النقد المستمر، والتركيز على تقديم الحب والتشجيع والدعم غير المشروط.

اقرأ المزيد عن : علاج الإدمان بأفضل طريقة

للكاتبة/ د.مروة سلامة

وأخيرًا فإن العلاج من إدمان الأدوية النفسية يتطلب التزامً وصبرًا ودعمًا مستمرًا من الأسرة والمجتمع، فرحلة التعافي مليئة بالتحديات لكنها خطوة نحو استعادة الحياة الطبيعية وبناء مستقبل جديد في بيئة خالية من الإدمان، ولضمان نجاح هذه الرحلة من الضروري أن تتم تحت إشراف طبي مكثف في وجود العلاج النفسي ودعم الأسرة، فالالتزام ببرنامج وخطة العلاج هو أساس التعافي والوقاية من حدوث أي انتكاسة بعد الشفاء، ويقدم مركز الهضبة خدماته الطبية المختلفة لكل المرضى، ويمكنه مساعدتك في حل مشكلتك فقط أسرع في التواصل معه على هذا الرقم في أي وقت 01154333341.